2011-07-20

الربيع العربي في البيت


هل هي الحياة التي كانت مغايرة قبل هذا العام أم رؤيتنا. بدأت الثورات في تونس ثم مصر فالبحرين واليمن و ليبيا حتى سوريا .ربما لم تشدنا تلك الثورة المباغتة في تونس مثلما الهمتنا ثورة مصر و آلمتنا باقي الثورات . ونشطت  دعوات الإصلاح في الأردن و ثارت وغٌيبت و هدأت واستثيرات و قمعت .
ما علينا ففعليا لست معنية بتحليل الوضع الراهن ما اريد ان أخبركم به هو عن أبنائي ...عن ابنائي و الثورات وأنا.
14 كانون الثاني: 
لعل ثورة تونس مرت دون  أن يعرف أولادي حيثياتها او هكذا هيؤ لي .



25 كانون الثاني ( يناير كما اصبحت التسمية بعد الثورة ) في كل عام نحتفل بعيد ميلاد ابنتي وفي ذلك اليوم نشطت الدعوة لإسقاط النظام . نحتفل بكعكة صغيرة نصنعها معا  و يخبرها ابن اخي عن مصر و ثورتها و تسأله إن كانت مثل ثورة تونس ؟ أتساءل كيف عرفت ابنتي ذات السبع سنوات عن ذلك.
"الشعب يريد إسقاط النظام"  شو يعني نظام ؟ ليش ما بحبوا ملكهم ؟ ليش ما يروح ؟


1 شباط : 
أخذت صغيرتي معي إلى  ثلاثاء عمّان التقني  نسخة الفن الرقمي Digital Art Edition “ AmmanTT" بما انها في عطلة  لاستمتاعها  بالرسم على الكمبيوتر و لتعرف اكثر عن صناعة الأفلام المتحركة . و هناك تعرض خرابيش فلمها الأخير حينها  من سلسلة " الريس بهيس " تضحك ابنتي بقوة  ثم تسألني:  ليش ما ييقوم عن الكرسي؟ لماذا لا يريده المصريون؟ و لماذا لا يفهم؟ و سألتني لما ملك مصر بهذه القسوة ، و ما أهمية هذا الكرسي ؟ و نعود إلى البيت و في الصباح تخبر أخاها ذي الأربع سنوات عن الثورة
"الشعب يريد إسقاط النظام" تبدا الثورة بالامتداد إلى البيت و تعلوا الهتافات


10 شباط :
 في هذه الأمسية توقعنا كلنا خطاب التنحي . ان يفهم أخيرا و ينسحب ، سمحت للصغيرة بالسهر و قلت لها إنها مناسبة خاصة أنها اليوم ستشهد لحظة تاريخية . سترى كيف ان الحاكم سيرضخ لإرادة الشعب ، و أنها ستخبر أبنائها عن هذه اللحظة. إلا أنها رأت احذية ترفع عوضا عن سماع الزغاريد . و سالتني ليش برمو كنادرهم الأحذية؟  أخبرها  : بعبروا عن الغضب ؟ فقالت: طيب يرموا حجارة ليش بدهم  يمشوا حافيين؟


11شباط : أحمم صغيرتي، تتصل بي أمي و تقول لقد تنحى؟ أخرجها من الحمام وترى الناس على الشاشة يحتفلون فتفرح .


17شباط: ليبيا
تظهر وتتميز ملابس القذافي و مصطلحات مثل زنقة زنقة ، حبوب الهلوسة و الأغاني والنكت .منذ خطاب سيف الدين القذافي الأول عقدت العزم أن  لا آلم  ابنائي بما سيصبح لاحقا حرب في ليبيا . كان واضحا أن هناك إنسان لن يتوانى عن إسقاط شعبه عوضا عنه .
 شباط –أذار – نيسان
"الشعب يريد إصلاح النظام " مظاهرات تطالب بإصلاح و العصير و الماء و الأعلام  ....حتى أذار حين اصبحت الأعلام على السيارات ظاهرة كبرى وأطفالي يطالبون بالأعلام وبدات المناظرة ان المواطنة الصالحة لا تعني العلم الأكبروان هناك مطالب بالإصلاح
رناد: ماما شو يعني إعتصام ؟ ماما شو يعني فساد.
يعلن ابنائي حبهم للملك و أخبرهم أن الأردنيون يريدون الإصلاح يعني "تحسين الأردن و أنه ما يكون في ناس ياخدوا حق ناس "  وان الملك يريد ذلك والشعب يحب الملك .
"الشعب يريد إصلاح النظام "

25 أذار 
لم أكن ممن أيد موقع الاعتصام  وقد غضبت وانا أرى الانقسام والعنف والتجني . عقلية "إما معنا أو علينا" و الخوف المفرط أكد يقيني بضرورة الحوار .سعيت و تمنيت أن لا يعرفوا بما جرى . بدأت التعتيم!
سوريا:
ماما سوريا جنب الأردن صح ؟
أنا:صح
طيب ممكن يصير عنا مثلهم؟
أنا: نحنا ملكنا أحسن .

أيار -حزيران
بين الوقت و الأخر تنذرني كلمات تصدر من ابنائي بأنهم يكبرون، فهم مع صغر عمرهم يدركون  أشياء قد لا أكون وعيتها. لهم رؤى مغايرة و قد تصلهم مغالطات و قد يتشوه التاريخ وهم فيه. 
البيان:
رناد: ماما بلال عزب بالباص كثير حتى صارو يحكوا "الشعب يريد إسقاط بلال"
بلال: ما بصير هيك بدي اطخهم . لازم يحكوا يعيش بلال  
أنا : إطخهم ليش ما تكون منيح، و يصيروا يحبوك ؟ بتحب الولاد يفكروك زي القذافي ؟
بلال : أصلان القذافي مضحك بحكي زنقة زنقة. بيان هو اللي مش منيح
أنا : مين بيان ؟
بلال : اللي بحكوا عنه بالأخبار...الي اصدر على الشعب.
أنا : هه؟ البيان معناه حكي علشان يسمعوه الناس . الليبين عمالهم بقاتلو القذافي  لإنه قاسي و عاطل مع شعبه .
بلال : لازم يصيروا يحكوا يعيش بلال
أنا : كون لطيف و ما تضايقهم  بصير هيك يحكوا.

بعد يومين
رناد : ماما في بنت بتضايقنا في الصف اسمها بيان سمينّاها البيان زي بيان القذافي
أنا: ؟!!

الثورة و الحرب  تلك الفتاة التي تزعج رناد و صديقاتها بالمدرسة إسمها بيان و استنادا على ما أخبرها إياه بلال البيان هو السبب بما يحصل الأن في ليبيا . فلما لا نسميها البيان و نرد الصاع صاعين .
بلال: ماما خلص الفساد من الأردن؟
أنا:إن شاء الله

 15 من تموز
بصراحة لم يصلني مغزى إعتصام 15 تموز والقائميين عليه و لم أتفق معه . تابعت التويتات بهدوء و خرجت مع أطفالي للتنزه و أنا متوجسة . فلم يكن جبل عمّان كعادته ....تشعر ان إخفاق ما قد حدث  !
كرهت الفيديوالأخير لخرابيش ...انا كأردنية و مع إدراكي صدق التهجم على المتظاهرين وما جرى بأكثر من ثلاث دقائق  ، وكامل إيماني بوجوب محاسبة المسؤولين من الحكومة ، الشرطة و الدرك عن أحداث 15 تموز العنيفة اللاعقلانية . أغضبني  التشنيع بصورة "حماة الوطن" مع أن بعضهم استحقها.
في العالم تمر مئات الاعتصامات و الاضرابات في "الدول المتقدمة" وتبقى السياحة والأمن والأمان . لكن الرد العنيف هو ما يهز أمن الدول .
أبنائي يحبون و يحترمون الشرطة و انا ايضا فهم إخوتنا وأهلنا .بيد أن  تجييش بعضهم و استفزازه وعدم تهيئتهم للتعامل بما عهدناه بهم من حكمة، يكاد يفقدني أحترامي لمؤسسة وأخشى أن تنتقل مشاعري لأبنائي  ....
أطفالي الذين لم تتعد أكبرهم السابعة والنصف  تصلهم معلومات . علما أنني لا أحضر الأخبار إلا ما ندر ،أقرأ الجريدة في العمل و اتجنب المناقشة .
حيرة وقلق ...
كيف تخبر أبناءك ان الأمور على مايرام وانت على شك ...كيف تخبرهم بما يحدث وأنت غير مصدق .

الآن ...
التجني،المسخرة و النكتة لم تدعم اي شعب بالعكس سفهت من مطالبات الإصلاح . لقد أُسقطت الجدران فلا شيء يحجب الأفكار أو الأحداث. حتى الأطفال  يتأثرون بشكل أو بأخر . لا جدوى من التعتيم العائلي ، المدرسي أو الاعلامي .
لمصلحة من التجييش و لمصلحة من كتم الصوت ؟ لما لا يسقط التعتيم عن إعلامنا؟ ولما لا تنقل الصورة بوجهيها و بصدق.
أما آن الأوان أن ندرك أن التخدير لا يجدي!